الأربعاء، 29 أغسطس 2018

أليسا راميريز - شاعرة مكسيكية معاصرة





د.أليسا مينجاريز راميريز


تدرس الإنجليزية والفرنسية وعلم الحاسب في الجامعة المكسيكية وهي شاعرة حصدت العديد من الجوائز الدولية ومغنية ومذيعة في الراديو والتليفزيون. ترجمت نصوصها إلى عدة لغات منها الإنجليزية, الفرنسية, التايوانية, الألبانية, الكاميرونية ونشرت قصائدها في أكثر من 50 أنطولوجيا شعر حول العالم.
اخترت وترجمت لكم ثلاثة نصوص من نصوصها الرائعة 
رائد
...
1-     مسافر
نفس فدائي
يسجن فضائي
كنجوم ممطرة
تشبه كلمات عطرة في الهلال
الملح يتآمر حول وجودك الدائم والمنطلق                                                                              
الهواء الأزرق يرفرف حول
رأس ملاحظاتك الرطبة,
وهي تصّاعد من خلال
جوهر شجرة.
أصوات حلقية
تراقب الأفق

أشعر بك
بين همهمات الأوراق التي تخفق
الظلال السائلة,
كقطع من حمام خيالي,
وموسيقى مضيئة
لأحلام
نسيناها.

وجدتك  بسرعة
وأنت على خطأ  أو صواب
في صوت المطر
المتواصل.
مسافرا جميلا
من خطوات حالمة
وأذرع من نار.

غارقة
في بخار الشهوة العطرة
أغربُ فوق شجر بلوط غريب,
كحالة لمس تولدت من طريقك
كمستنقع معتم
لسماء قديمة.
 أعاد ابتكار عالمك الضوئي,
وهم
تعالق اللغة.



2-     غياب

غادرت
كالمطر
بعد أن دمرت
الريف العاري.

في الاسفل اوراق اسمك
تطير مع الريح
تتنبأ بمقاطع الشعر
بنية مدى صوت عديمة الفائدة
للأمس الذي لم يأخذ فرصة للنجاح

ما زلت لا أفهم
الحروف الخمسة*
التي تبني
غيابك

لم تظلم بعد
ولغة الشمس
لم تعد نفسها أبدا






3-   ضمير نقي
(الى ملاكي)

اليوم واصلت الصمت
لكي لا أخطئ الصمت
بالفراغ

مستغرقة
معجبة بعينيك,
بالوعي النقي
الذي يذيب توازني.
يقفز فوق حاجز الصمت,
يلعب الألعاب المحضورة.

الأبراج لا يمكنها التحدث,
الكون
يمكنه أن يتداعى اليوم.
يجتاح قلب عالمي
رأسا على عقب
ولكن
في هذه اللحظة بالذات
نظرتك الخضراء
هي كل ما أملك



السبت، 6 مايو 2017

ظلال (من ورق الجنة) - للشاعر علي الشيخ

ظلال (من ورق الجنة) للشاعر علي مكي الشيخ
الصورة للفنان محمد الخراري
----
هذه المجموعة الشعرية هي مجموعة لعدة تجارب شعرية فضلا عن كونها مجموعة لعدة نصوص شعرية وهذه التجارب متمايزة لا في الموضوع الرئيسي بها وحسب بل حتى في أسلوب وتقنيات الكتابة إلا أنني وفي هذه الورقة مهتم بتسليط الضوء على بعض التجارب تلك التي تحمل تحولا جذريا في مسار واتجاه النص الولائي والمنبري وتثبت أن الشعر المعاصر ما زال فنا فرجويا حين يتخلص من حصار النظمية وينطلق كمقطوعة أدبية وأن التعويل على ثقافة المتلقي أثناء الإلقاء والكتابة  والانطلاق من الكتابة بدون قيد ما يطلبه السواد الأعظم من الجمهور أو ما تشجع عليه لجان المسابقات الدينية وغير الدينية التي تشجع على النظم كمقارنة بين التدريبات العروضية والمنتشرة كالهشيم في الوطن العربي لهو الطريق الأمثل لخدمة ذات الجمهور وذلك بتقديم إضافة نوعية إلى المكتبة العربية وهذا لا يعني القطيعة التامة مع المسار العام الموروث والمتداول بين الشعراء والنظام بل الاحترام المتجاوز للاجتهاد الشخصي فالشعر علاقة الشاعر بالحدث وبالآخر لا إضافة الإيقاع للمعلومة وكتب السيرة. وهذا يجعلني أشير إلى خمس نقاط أجدها مميزة في الديوان

1-                    العظيم به يحتاج الاعظم
لا احتياج مذنب عاص مبعد عن رحمة الرب ومثقل بذنوب الخطيئة كما هو النسق المتبع منذ عصور الجاهلية والإسلام الأولى حتى اليوم عند المدح بارتداء لباس الافتقار والحاجة الملحة خصوصا عند ختام القصيدة ( تبدأ عادة القصيدة بغزل أو حكمة – ثم وصف ونظم للسيرة – ثم باستنهاض أحيانا أو افتقار وتسول قبول القصيدة في حين آخر بالختام  )كما أن احتياجه ليس احتياج النبي المؤمن بالمحبوب الساعي لرؤيته ليطمئن قلبه
بل هي حاجة الشاعر موقن العاشق لمعشوقه دون قيد أو شرط
كحاجة وشوق متلقي النور إلى واهب النور, حالة احتياج عرفانية متسقة منذ بدأ القصيدة حتى ختامها وهذا التناسق بين أنا الشاعر وأنا النص والاتحاد بينه وبين فيض المحبوب وتوحده به ورفعته به تجعله "عظيما به" يخاطب "الأعظم" في غالبية النصوص. فلا  يقع ككثير من التجارب القلقة المعاصرة في تناقض بين امتداح انتسابه لهدي المحبوب وتفاخره بتبعيته على الآخر ثم احتياجه بتسول عاطفي لكونه مذنب عاص بعيد كل البعد عن ذات الهدي.
في نصه ( رغيف نبي ) يقول:" أتيتك يا مولاي بئري تعطلت/ فلي دمع يعقوب ولي شكل نوحه" افتقار نبوي العشق والصبر – صبر العظماء على البلاء والصبر لا يعني الألم بالضرورة) ويضيف بعد بضعة أبيات( تمادى أبو جهل بنا واستفزنا/ ففي العين أقذاء لكثرة قيحه/ فمن يا ترى إلا إليك رجاؤنا / فأرسل لنا سيفا خبيرا بكبحه) فدافع الاستنهاض -إن صح التعبير-هنا النصرة والقيادة لا التوبة ثم يكمل ( وقل جاءكم وعي على شكل حيدر/ يثقف فكرا قد أضل بشطحه ) وهنا يستغل الشاعر ذاكرة النسق ويطعمها برؤية وعي ايدلوجية يريدها من جسد النص وهذه التقنية في تطعيم المقطع الختامي بغصن من جسد النص ظاهرة في الكثير من نصوصه كوضوح حنين العظيم إلى الأعظم حين يقول في نص آخر ( وهبتُك آياتي وإعجاز فكرتي/ وإن من الآيات ما ليس يوهبُ).أو يقول في ذات النص مخاطبا الإمام الحسن-ع- " تعال فهذا الكون أرجوحتي أنا ( فإن لم يسعك الكون فالصدر أرحب )"


2-                    الحلم مترفعا عن استمطار البكاء
( وامتحنت المجاز جرة سهم/حمحمت تصنع الردى لشرابك / إن بعض السهام صار نبيا/حين أدنيته الى أخشابك) صور القتل الأكثر قابلية لاستدرار العواطف واستبكاء الجمهور يتم تناولها ورؤيتها بمنظور فكري تأملي آخر معاكس ومغاير كاندماج رؤيوي مع الحالة القدسية التي تحضر النص كمؤثر أول بل كولاية تكوينية ويرسم الاغتيال بعين فنية معاصرة لا شاهدة ومؤرخة أو مجترة لتأريخ الحدث وبالتالي يكون هناك انتقال سلس في النص بين الماضي المتذكر والحاضر المعاش في استحضار الواقعة أو اثرها أو استلهامها لتكون منارا له فالحدث يكتب برؤية وفكر وخيال الشاعر المعاصر – وليس بإضافة إيقاع إلى الحدث التاريخي.

3- مشروع اللقطة الواحدة
(ملامح كربلائية) نصوص قصيرة تستلهم رموز كربلاء يستعيد الشاعر بها ذاته ليكون جزء من النص في زمن الممدوح وغالبًا ما يكون النص اعادة تعريف للعنوان المتعارف عليه (عنوان اعتيادي) خصوصا اذا كان مجرد اسم الممدوح وكأنها قطع من مشروع شعري يتوسط المجموعة لها جوها وسياقها المغاير. من الممكن جدا  أن نتخلص من اسم الممدوح ونعرفه في النص وذلك لأن العمل يرتكز على صفات وسيرة الممدوح كنسيج أساسي في العمل مطعم بكلمات مفتاحية دالة عليه وعلى جزء من سيرته الذي يناسب عاطفة النص. ولعل (شمائل الوحي ) هي الأكثر كثافة في ذات المشروع

4- اعادة تدوير الإرث 

بعض الأبيات الشعرية أو النصوص الدينية المختمرة في ذاكرة الشاعر والحاضرة في ذاكرة المجتمع يعاد تشكيلها بشكل عفوي وطبيعي بحيث تحيل إلى مشهدها ومناسبتها وتستعيدها في النص بطريقة عذبة وشاعرية في بعض نصوص الديوان يقول متحدثا عن كربلاء: ( سأزور ذاتي إن شممت ترابها/فتقول لي ما حيلة التفاح ) ولا رابط واقعي بين كربلاء والتفاح
إلا ما روي في حديث طويل عن  جبرائيل وما بيده من تفاحة وسفرجلة ورمانة ..ثم بقاء التفاحة وحدها بعد منع الماء عن الإمام الحسين-ع- وقد استخدم التفاح هنا ككلمة مفتاحية دالة ومشيرة إلا الحدث
جزء من الحديث( بل كلمة واحدة منه ) يراد به الصورة الجزئية الخاصة من الحديث

5-  الاتكاء على ذاكرة المتلقي
في قصيدته (فانوس الطهارة ) عن سيدتنا أم سلمة يستخدم علي الشيخ ما يشبه تقنيته السابقة التي تعامل بها مع رائحة التفاح ولكن بصورة أقل كثافة, وذلك عند استفادته من ما روي من حديث القارورة التي وهبها الرسول الأعظم لأم سلمة وما بها من تراب كربلاء وتحوله الى دم عبيط عند استشهد الحسين عليه السلام (وأودعك المختار تربة كربلا/ بقارورة عرش الإله بها دنى)
رغم أنه لا يشير الى الدم مطلقًا في القصيدة بل يتكئ على ذاكرة المتلقي ليكمل معه المشهد ويختم بذات التقنية ذات النص فيقول (على بابك المنقوش من باب فاطم / وقفنا فجودي ..  مسنا الضر مسنا ) وهي استفادة واضحة من قصة إخوة يوسف واشارة الى الحدث المشهد فيه واستحضار عاطفته
( يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) جزء يراد به الكل.
...
رائد أنيس الجشي


الخميس، 4 مايو 2017

قصائد للشاعر الروماني - ريزفان بريكوب - ترجمة رائد أنيس الجشي


 ريزفان بريكوب    
أديب روماني, ولد  بمدينة كونستانتسا عام 1987 نشر له في العديد من مجلات الشعر المتخصصة , نشرت مجموعته الأولى عام 2015 في بيت frACTalia للنشر وحصل على العديد من القراءات النقدية الإيجابية. ويعتبر من الشعراء الموهبين في جيل الشعراء الرومانيين الجدد ويتميز أسلوبه بالمزج بين صور السارد والمعالج السينمائي والشاعرية الأدبية حد التعبير عن أحدهما بمفردات الآخر لرصد تلك الحالة الإنسانية من المشاعر بين الذاكرة الفطرية والافتراضية للإنسان في نقل وتخزين المشاعر. ترجمت نصوصه إلى الإنجليزية الشاعرة الرومانية أنك رونكا Anca Roncea وهي تحضر للدكتوراه حاليا في الأدب الأمريكي حول ألن غينسبرغ  و جون كيج

نسخ 4

عشنا لزمن طويل
مغلفين بالموجات
تداعبنا رقة الاشعة تحت الحمراء
بالرؤية الليلية *1

كاميرا فيديو بين حشد,
تسلسل صور وصور بشر
حفظناها كلها بعناية
على شريط ممغنط

بقيت منّا بضعة بتَّات*2 من الجمال
ونقاء بعض اللحظات.

....
*1 القدرة على الإبصار في البيئة المظلمة بمساعدة وسائل التقنية
*2 البايت أصغر وحدة حاملة أو ناقلة للمعلومة في جهاز الحاسب الآلي


نسخ 5

بدأت عيني تعتاد العتمة
كما تعتاد عدسة شديدة الحساسية
على صورةٍ تنفذ من خلال القاعدة القاحلة
وقد لفحها الضوء وكأنها الخيال.

قريبا سأصبح أنفاس  انفجارٍ للجمالِ
والنقاء اللا نهائي
سأخجِلُ  كل الشفافيات

أخيرًا
شيء ما
سيتم انقاذه من الوجود الكسول

أضواء المسرح الكامل
تلفُّ حولك

للخوف

أزداد مع الخوف خوفًا
جلدي أصبح أرجوانيًا تقريبًا
لهمجيتي انسياب حوله 

 
في كاحلي فرقعات
كاحتراقِ دوائر كهربائية.

في الظلمة, وجدت دراجتي الهوائية
مغطاة  بالندى.  
...



الأحد، 6 نوفمبر 2016

٣ قصائد لحارث خليق - Harris Khalique - 3 poems

حارث خليق Harris Khalique شاعر وكاتب باكستاني مؤلف لثمان مجموعات شعرية منها You and Your Love, Ishq ki taqveem mein 

وآخرها Melay mein  صَدرَ عام 2012 وفاز بجائزة ال يو بي إل للأدب الرفيع في شعر الأردو وهو أيضًا كاتب مقالات صحفية.تَغيرَ نمطُ كتابته مع ازدياد وتيرة العنف والحروب. وقد اخترتُ من نصوصه تلك المليئة بالرؤية 

التأملية الشعرية المؤلمة في آثار الحرب والنظرة المغايرة للأمور. 

وبالإضافة إلى قدرته على ترجمة أعماله كنص (جولشر) فقد اخترتُ أنْ أترجمَ بَعضَ ما تَرجمه له منَ الأردو الأستاذ تيمور شاهد .

 

لأنه مُعدّ

صور غريبة من الاشتهاء والوحدة

في مدينة بلا حدود

تُغرينِي

 في ضوءِ النهار المتَّسعِ

وموتُ الليلِ 

إنَّهم يُغرونَني

عندما أقتربُ

يأخذنَ يدي ويَرقصن 

أسلوبُ النوَّارِ مُروَّضٌ

المخاوفُ أصبحتْ مألوفةً

والهواء مُشبَّعٌ بالمتعة.

المتعةُ تَندَّسُ بِمستنقعِ

 الرغبةِ والطموح.

تَختفِي وقتَ الحاجة.

السعادةُ تَخدعُ المتعةَ

والزمنُ يَستمرُّ مهما حدث .

...

بقايا 

 

بعد المجزرةِ

تَساقطَ الليلُ 

جافًا بلا قمر.

دعونا نَجمعُ قِطَعَ الأجساد الممزقة

إنَّه أسهلُ وأقلُّ ألمًا 

في ظلمةِ السماء.

الذراعُ لا يُمكنْ أنْ تُخلقَ مِنَ سَاقٍ

ولا أصابعَ اليدِّ مِنْ أصابعِ القدم

أو جِذعَ طفلٍ من فَخذِ رجل.

ولكنْ ماذا عن الرؤوس ؟

الرأس هو الرأس

حيًا كان أو ميتا 

دَفْنُ الشهداء الثقيلين

 

تَحولنَا كُلّنا نحن ال 180 مليون

إلى موكبِ جنازةٍ

حَملنَا مئات الآلاف من الأجساد على أكتافنا 

أخبرونا أنَّهم شهداء والشهداء خفيفون*

ولكنَّ الذين كُنَّا نَحملهم كانو ثقالًا 

ثمّة معدن بداخلهم

رصاص,شظايا,كريَّاتُ قَنابل ومسامير.

رؤوس سيوف وخَناجرَ كُسِرتْ داخل لحمهم.

الأجسادُ سَتتحلَّلُ في الطينِ فَورَ دفنها

ولكن المعدن سَيجعلُ الأرضَ صلبة تحت أقدامنا 

ولزمن طويل .

...

*في الأصل تَحملُ الكلمةَ معنيين وهما الضوء والخفة.